السبت، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٠

العنف المدرسي



أكد الدكتورأحمد ذكى بدر وزير التربية والتعليم أن

أحداث العنف التى إنتشرت ببعض المدارس خلال الاونة الاخيرة هى مسئولية مشتركة بين الاسرة والمدرسة والمجتمع وهى نتيجة للتنشئة الاولى للطفل .
وأشار إلى أنه إذا كان دور المدرسة فى تطوير العملية التعليمية دورا أساسيا فإن دور المجتمع لا يقل أهمية لأن مسئولية تطوير التعليم وإصلاح المدرسة يجب أن تكون مسئولية مشتركة فلابد من مشاركة المجتمع ودعمه للمؤسسة التعليمية للقضاء على العنف بالمدارس .

جاء ذلك خلال إفتتاح الدكتور أحمد ذكى بدر لأعمال المنتدى الفكرى حول"العنف فى المدارس..أين الحقيقة"، يناقش المنتدى أساليب العنف التى إنتشرت فى الأونة الاخيرة ، والدراسات والابحاث التى قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حول العنف بين طلبة المدراس من منظور إجتماعى تحت اشراف الدكتور احمد زايد عميد كلية الاداب بجامعة القاهرة.

ويحضر المنتدى الدكتور شريف عمرو رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب، الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والادارة ورئيس مجالس الامناء بالجمهورية، الدكتور ماجد عثمان مدير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء والدكتور محمد المفتى الخبير التربوى .

وقال الجمل "إن القضية التى نتناولها قضية هامة وتتطلع إليها كل الأسر فى مصر لمناقشتها بكل موضوعية، كما تعد قضية مؤثرة على إنتظام الدراسة وتحقيق رسالة المدرسة التربوية فى إعداد الطالب وتنشئته شخصية متكاملة".. مشيرا إلى أنها ترجع إلى الأسرة، حيث يتعرض الطفل لحوافز إثابة إيجابية كالإستحسان والمكافأة ، وسلبية كالحرمان من ما بعض ما يحبه الطالب أو النهر عن سلوك معين أو التعنيف .

وأوضح : أن الطالب ينتقل بعد ذلك إلى بيئة تنشئة آخرى وهى المدرسة، وفيها تختلف أساليب عقاب الطالب، فبعضها مؤسسى مثل إستدعاء ولى الامر أو الطرد من الحصة وهناك آساليب أخرى تبدأ باللوم والتنبيه والحرمان من الدرجات أو الرحلات أو الانشطة.

وقال الدكتورأحمد ذكى بدر وزير التربية والتعليم "أننا ضد العنف بجميع أنواعه وضد إستخدام الضرب باليد أو أى وسيلة آخرى، ولذلك صدر منذ عشر سنوات القرار الوزارى رقم "591"، والذى تضمن 3 بنود هامة، تركزت حول منع إستخدام الضرب باليد فى أى مرحلة من مراحل الدراسة، إضافى إلى أن المعلم الذى لا يسلك الاسلوب التربوى يتم مسائلته إداريا بشكل يصل إلى إعفائه نهائيا من التدريس.

وأوضح أن القرار الوزراى يؤكد أيضا على فصل أى طالب يستخدم أى نوع من العنف ضد المعلم، كما يؤكد القرار دور الإدارة المدرسية وأجهزة التوجيه فى المسئولية الكاملة لتنفيذ هذا القرار وهى مسئولية تضامنية.

وشدد على أهمية دور الاخصائى الاجتماعى والنفسى فى بحث ودراسة ومواجهة الضغوط النفسية والاجتماعية التى تواجه الطلاب ومتابعة كافة الظروف التى تؤثر فى سلوكيات الطفل وتنعكس على إنضباطه داخل المدرسة .

وأكد زيادة التوجه حاليا نحو التعلم النشط والتقويم الشامل والذى يخصص 50% لممارسة الانشطة المدرسية من تقييم الطالب ، وهو يعد أحد الأساليب الإيجابية فى مواجهة أى سلوكيات أو خروج عن الشرعية لأن السلوك له 5% من تلك النسبة.

ونوه إلى أهمية الحوار المجتمعى فى إطار دعم المشاركة المجتمعية والرأى العام فى القضايا التى تمس أغلى ثروة تملكها مصر وهى الثروة البشرية والمتمثلة فى أكثر من 15 مليون طالب وطالبة فى المؤسسة التعليمية.

وأضاف : أن دور المجتمع لا يجب أن يقتصر على التبرعات أو المساعدات المالية وإنما المشاركة بالإهتمام والمتابعة والحوار بموضوعية وشفافية .

وأشار إلى أهمية الدراسة العلمية التى يتناولها المنتدى وقام بإعددها فريق من الباحثين المتميزين فى مصر، وتناولت 3600 مفردة من مراحل تعليمية مختلفة تمثل قطاعات الجمهورية من ريف وحضر، لبحث كل مظاهر العنف التى يتعرض لها التلاميذ داخل وخارج المدرسة، وذلك بأسلوب علمى للوصول الى رؤية يتم من خلالها تحديد دور المدرسة والمجتمع فى القضاء على تلك الظاهرة.

وأوضح الدكتور أحمد زايد عميد كلية الاداب جامعة القاهرة والمشرف على الدراسة التى تناولها المنتدى وأجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الدراسة التى تم إعدادها حول العنف بين طلبة المدارس من منظور إجتماعى تهدف إلى وضع نتائج علمية أمام صانعى القرار تمكنهم من رسم سياسات إجتماعية وإتخاذ قرارات دقيقة للحد من العنف داخل المدارس المصرية.

وأضاف : إن الدراسة قامت على عدد من المحاور منها صور العنف التى تظهر فى تفاعلات الطلبة بعضهم مع البعض الأخر ومع المدرسين، وتأثر النظام المدرسى فى إفراز السلوك العنيف، تصورات واتجاهات الطلبة حول ظاهرة العنف المدرسى، إختلاف أساليب العقاب بين المنزل والمدرسة، ودور البيئة المحيطة فى بلورة السلوك العنيف.

وقال : أنه تبين من الدراسة أن العنف المدرسى فى مصر لايصل بأى حال إلى مستوى الخطورة أو إلى السلوك النمطى المتكرر.. ففى كل صور العنف التى تم دراستها بين تلاميذ المدارس جاءت النسب مؤكدة أن ممارسة العنف قليلة ولم تزد عن 30%، وأن صور العنف بين الطلاب لم تتحول فى المدارس المصرية الى الصور الاشد قسوة التى توجد فى بلدان اخرى فصور العنف فى مصر لاتزال صور بسيطة.

وأشار إلى أن الدراسة أوضحت أن العنف خارج المدرسة بين الطلاب أكثر تكرارا من العنف داخل المدرسة، لا يمكن النظر إلى العنف المدرسى على أساس أنه ذى طبيعة واحدة فهذا العنف يتضح بتباين المتغيرات التى ننظر إليه من خلالها، فمثلا ..ثمة صور للعنف يتميز بها الذكور عن الاناث فالضرب والركل واستخدام القوة البدنية كلها صور للعنف الذكورى ، كما يختلف صور وشدته باختلاف المراحل الدراسية ونمط التعليم "الحكومى والخاص"، حيث تتعدد صور العنف وتشتد فى المدارس الثانوية بالمقارنة بالمدارس الاعدادية .

ولفت إلى أن الدراسة أظهرت نتيجة هامة وهى أن العقاب يمثل وسيلة أساسية لضبط السلوك فى الاسرة والمدرسة على حد سواء، كما أن الاسرة والمدرسة تتفقان فى أساليب العقاب وان كان ثمة تاكيد على استخدام الضرب فى عقاب الابناء داخل الاسرة والمدرسة.

وأكد على أهمية الربط بين نمو تزايد صور العقاب البدنى وتزايد الميل نحو التطرف وضرورة نشر الثقافة المدنية والاكثار من الانشطة الطلابية والادارة المدرسية الفعالة حتى يمكن تحقيق الامان المدرسى والوقاية من العنف.

وخلال الحوار الذى تم بين المشاركين فى المنتدى.. طالب الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب بوجود أسلوب للمحاسبة مشابة لما تقوم به الجامعات كتقديم الطلبة لمجالس التأديب وإستخدام أساليب إيجابية من العقاب مثل الحرمان من الرحلات والحفلات وكذلك ضرورة دعم الانشطة وممارستها لتفريغ الطاقات لدى الطلاب.

من جانبه.. أشار الدكتور صفوت النحاس رئيس مجالس الأمناء على مستوى الجمهورية إلى ضرورة التكامل بين مؤسسات المجتمع لأنها مشكلة تضامنية ، وتفعيل دور المدرسة فى إزالة الإحتقان بين الطالب والمعلم من خلال تعظيم دور الانشطة المصاحبة للمواد الدراسية، لأن العنف ظاهرة ليست متعلقة بالمدرسة فقط ولكن بالمجتمع أيضا بجانب ضرورة تفعيل دور المرشد الطلابى .

وقال الدكتور محمد المفتى الخبير التربوى "إن العنف ليس وليد هذه اللحظة وإنما له جذور فى الماضى والاسرة عليها دور مهم فى تغيير أسلوب العقاب والبعد عن العنف.

وشدد الدكتور حسن البيلاوى مستشار وزير التربية والتعليم على أهمية تلك القضية.. موضحا أنها قضية تحتاج الى وفاق مجتمعى يبدأ من الاسرة فى غرس القيم والسلوكيات الحميدة التى تساهم فى تنشئة الطالب على أفضل أساليب التعامل والتخاطب والمهارات الحياتية، والمجتمع له دور هام فى المشاركة والمتابعة والدعم للعملية التعليمية .

وأكد المشاركون فى المنتدى الفكرى حول"العنف فى المدارس..أين الحقيقة" ضرورة التركيز فى ممارسة الانشطة على المفاهيم التى تحض على التسامح والمحبة والسلام والتعاون وتقبل الرأى الاخر، وتضمين ذلك ضمن المقررات الدراسية وضرورة الاعداد النفسى للمعلم لمواجهة الاستفزاز المباشر والاهتمام بتحسين إتجاهاته نحو مهنته، والاهتمام بانتقاء الطلاب الملتحقين بكليات التربية والاعداد المهنى لهم نفسيا واجتماعيا.

وطالب المشاركون بتفعيل الانشطة الطلابية والتواصل المتبادل بين المدرسة والاسرة وتفعيل دور مجالس الامناء، وضرورة عقد دورات تدريبية للاخصائيين النفسيين والاجتماعيين لدورهم التربوى والعلاجى لمواجهة تلك الظواهر من خلال برامج تدريبية تعدها المراكز القومية والتربوية.

وأكدوا على أهمية دور الاعلام فى مواجهة الظواهر السلبية المجتمعية، حيث تحتاج مثل هذه الامور إلى إلقاء الضوء عليها دون المبالغة وتعظيم الأحداث لأن ذلك يساهم فى وجود شحنة زائدة من العنف داخل المجتمع ، وان يحرص الاعلام فيما يعرضه من مسلسلات وافلام وبرامج ان تتناسب مع القيم والسلوكيات الحميدة وذلك لدوره المؤثر على الشباب فى مرحلة هامة وهى مرحلة المراهقة.

ونوه المشاركون بأن العنف المدرسى، إنعكاس لعنف المجتمع والعقاب المدرسى إنعكاس لموروث ثقافى يتخذ من الضرب وسيلة للتهذيب.
العنف المدرسي يعد من أخطر ما يهدد أمن واستقرار المؤسسات الاجتماعية وأفراد المجتمع وخاصة ما يقع منه في المدارس والذي يتضح انه مشكلة اختلف في تفسيرها المختصون فمنهم من يرى ان الإنسان يستعمل عدوانه كعامل دفاع استباقي ضد احتمال الاعتداء من الآخرين وهناك من يرى انه استعداد غريزي لتوجيه عدوانية نحو هدف معين أو رداً على أذى أصيب به.
في الجزء الأول من التحقيق تحدثنا عن أسباب انتشاره وعن الأمور التي تجعل الطالب يختلق العنف ضد المعلم والعكس وأخذنا كذلك آراء بعض المعلمين حول هذه الظاهرة.
ان العنف المدرسي أصبح من أكثر المشكلات شيوعاً إذ شكلت في احصائيات وزارة الداخلية 82% من إجمالي الحوادث عموماً فقد بلغت سابقاحوادث اعتداء وأصبحت في عام 1425ه 4528حالة اعتداء بزيادة 400% خلال سبع سنوات.
الغريب ان عدوى العنف المدرسي انتقلت من مدارس البنين إلى مدارس البنات مما يعني وجوب الوقوف بحزم وقوة ضد هذه الظاهرة التي قد تنهي ما تم بناؤه من مسيرة الحركة التعليمية.
في هذا الجزء تطرح النقاش مع عدد من المختصين من وزارة التربية والتعليم وعدد من المختصين في هذا المجال وكذلك مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.
في البداية يتحدث الدكتور سعد بن محمد آل رشود أحد منسوبي قائلاً: ان العنف المدرسي تتنوع أشكاله في الوقت الحاضر نظراً للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وأصبح يهدد أمن واستقرار المؤسسات الاجتماعية وحتى المجتمع نفسه.
ويعد العنف مشكلة متعددة الأبعاد، فهي تتضمن أبعاداً تربوية وأمنية ونفسية واجتماعية واقتصادية ولقد لفتت أنظار علماء النفس والمهتمين بالتربية والتعليم وعلماء الاجتماع فدرسوا أبعادها وأسبابها والعوامل المؤدية إليها، حيث يحاول الأفراد التعبير عن مشاعر النقص وعدم الكفاءة وعدم نمو الشخصية والعجز عن مسايرة الآخرين فيحاولون التعبير عن ذلك بالعنف.
ومما لا شك فيه ان الطلاب في عمومهم وعلى اختلاف أعمارهم ومستوياتهم التعليمية يبدون اتجاهاً طيباً نحو السلوك السوي، إلاّ ان هناك مشكلات سلوكية وتعليمية في المرحلة الثانوية قد تعيق الطالب في مسيرته التعليمية مما يجعله يتصرف من واقع مرحلة المراهقة حيث أشارت عدد من الدراسات إلى ارتفاع نسبة العنف المدرسي في مدارس المملكة العربية في السنوات العشر الأخيرة.
مؤكداً ان العنف أصبح من أكثر المشكلات شيوعاً إذ شكلت في احصاءات وزارة الداخلية 82% من إجمالي الحوادث عموماً كما كشفت احصاءات شرطة منطقة العربية تزايداً مستمراً في العنف بداية من عام 1418ه فقد بلغت عام 1418ه 1406حوادث اعتداء إلى أن تطورت وأصبحت في عام 1425ه 4528حالة اعتداء بزيادة 400% خلال سبع سنوات.
كما أشارت التقارير التي أعدتها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة التربية والتعليم إلى عدد من مظاهر العنف المدرسي حيث جاءت كما يلي:
* القضايا الأخلاقية: ألفاظ بذيئة وشتائم، تحرش جنسي، فعل اللواط بالقوة، الاختطاف.
* قضايا السرقة: سرقة مباشرة بالقوة، ابتزاز.
* قضايا المضاربات والاعتداء الجسدي: الاعتداء على المدير، الاعتداء على معلم، الاعتداء على طالب، محاولة القتل، استخدام السلاح، استخدام الأدوات الحادة للتهديد، تدمير ممتلكات الآخرين.
كما ان الاعتداء بالضرب على الآخرين يكون خارج المدرسة، يستخدم فيها العصي والسكاكين والآلات الحادة حيث تأخذ طابع التعصب للاقران أو النسيج الاجتماعي القبلي، وأخذت المرتبة الأولى بين مظاهر العنف.
وأتى في المرحلة الثانية عدم احترام الأنظمة والتعليمات المدرسية.
ان المضاربات والاعتداء على الآخرين باستخدام أدوات حادة وسكاكين وخناجر وقطع حديدية وقوارير زجاجية وأقلام حادة أخذت النسبة الأكبر من بين أبرز أشكال العنف المدرسي.
وبين ان العنف المدرسي شمل مدارس البنين وكذلك البنات وكان آخرها اعتداء طالبة مدرسة ثانوية المرامية شمال المدينة المنورة على معلمتها بالضرب والتحرش بها أمام المعلمات والطالبات والتهديدات المستمرة لها مع الترصد لها.
كما ان فشل مواجهة العنف في هذه المرحلة يعني خروج فرد جانح يتخذ العنف نمطاً للتعامل مع الآخرين مع ما قد يؤدي إليه ذلك من سلوك إجرامي في المستقبل.

كما ان انتشار العنف المدرسي بناء على ما يشهده مجتمعنا من الكثير من المستجدات والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية نتيجة لعوامل متعددة أثرت على بنائه الاجتماعي والثقافي.
في مقدمتها حركة التغير الاجتماعي السريع في المجتمع السعودي وتعرضه لفترة من الطفرة المادية التي غيرت من مكونات وقيم الأسرة السعودية وأيضاً الانفتاح الثقافي التي أحدثتها وسائل العولمة من قنوات قضائية وإنترنت ومن ثم انتهاء فترة الطفرة الاقتصادية وتداعياتها من ارتفاع مستوى المعيشة وقلة الموارد المادية لدى بعض أفراد المجتمع واستقدام العمالة الأجنبية مما نتج عنه ظهور الكثير من القيم الوافدة.
مما أدى إلى تأثر الأسرة كجزء من هذا المجتمع بعدد من المتغيرات في بنائها ووظائفها وعلاقات أفرادها فيما بينها وظهور بعض المشكلات النفسية والسلوكية نتيجة لعدد من الضغوط التي أثرت بشكل مباشر على الأسرة السعودية وبرزت أشكال من العنف غير المعهود في ظاهرة بدأت تأخذ أشكالاً متنوعة عنيفة باستخدام آليات تقنية.
حيث ان الأسرة هي المرجعية الأولى للفرد في المجتمع العربى وكانت تتميز بالتماسك والترابط بين أفراد الأسرة الواحدة برباط متكامل من النواحي البنائية والنفسية والاجتماعية بل وحتى الاقتصادية مما يشير إلى أنها بناء اجتماعي صلب متماسك متكامل بالرغم مما تتعرض له من الضغوط والمشكلات.

ويرى د. آل رشود ان أنواع العنف المدرسي تتكون من: * العنف المدرسي الموجه نحو الذات: يقصد به السلوك الذي يقوم به الفرد بهدف توجيه الايذاء نحو الذات والمتمثل في (الانتحار، ايذاء الذات باستعمال الآلات الحادة).
* العنف المدرسي الموجه نحو الآخرين: يقصد به السلوك الذي يقوم به الفرد بهدف توجيه الايذاء اللفظي نحو الآخرين أو الايذاء البدني نحو الآخرين، والمتمثل في (الشتائم، التهديد، المهاجمة، الضرب، الرمي، التمزيق).
* العنف المدرسي الموجه نحو الممتلكات أو الأشياء الخاصة بالآخرين: ويقصد به السلوك الذي يقوم به الفرد بهدف توجيه الأذى نحو الممتلكات العامة أو الخاصة والاضرار بها والأشياء المحيطة به والمتمثلة في (المباني والتجهيزات، الوسائل، الحدائق).
وعن أسباب العنف المدرسي أكد ان هناك بعض الأسباب تؤدي إلى ظهور العنف المدرسي من هذه الأسباب: 
* أسباب بيولوجية جسمية: منها الوراثة التي أثبتت الدراسات ان لها علاقة بالعنف لدى مجموعة من الأطفال العدوانيين الذين تمت عليهم هذه الدراسات.
كما ان شذوذ الصبغات الوراثية واضطراب وظيفة الدماغ من الأسباب التي تسبب العنف لدى هؤلاء مما يجعلهم من معتادي العنف، وكذلك إدمان المخدرات يسبب اضطرابات في الدماغ مما ينتج عنه السلوك العنفي.
* الأسباب الاجتماعية:
أ) أسباب تتعلق بالأسرة وطريقة التربية: نجد ان أساليب المعاملة الأسرية إذا كانت أنماط التنشئة الاجتماعية سلبية فستكون سبباً في ظهور العنف المدرسي ومن أساليب المعاملة الأسرية (التسلط الأسري) أسلوب الحماية الزائدة للأبناء، الاهمال الاسري، التدليل الزائد للأبناء، القسوة في معاملة الأبناء، التذبذب في معاملة الأبناء، التفرقة في معاملة الأبناء، تفضيل بعض الأبناء على البعض الآخر، تقليد الآخرين في سلوك العنف. 
* أسباب تتعلق بالمدرسة إحدى مؤسسات المجتمع:
قد تكون المدرسة أو البيئة المدرسية سبباً في ظهور العنف المدرسي لدى طلابها أو طالباتها ومن هذه الأسباب ما يلي: (سوء معاملة بعض المعلمين للطلاب باستخدام ألفاظ بذيئة أو الشتائم أو السخرية منهم، غياب الرقابة المدرسية الحازمة، ضعف متابعة المشكلات السلوكية للطلاب، عدم انهاء المشكلات التربوية أو السلوكية وفقاً للأنظمة والإجراءات، غياب تحقيق العدالة بين الطلاب، اهتزاز القدوة المدرسية، قسوة بعض المعلمين على الطلاب باستخدام العقاب، البدني، انخفاض مستوى الاحترام المتبادل بين الطلاب والمعلمين، التمرد على النظم المدرسية، عدم وجود أساليب عقابية تربوية أفضل، نقص كفاءات التوجيه والارشاد الطلابي في المدارس، قلة كفاءة المرشد الطلابي في التعامل مع حالات العنف في المدارس.
* أسباب تتعلق بوسائل الإعلام:
قد يكون الاعلام من اسباب ظهور العنف المدرسي ومنها (عرض برامج تشتمل على مظاهر ومشاهد عنيفة في التلفاز، نشر وسائل الاعلام للأفكار العدوانية).
* أسباب نفسية:
هناك بعض الأسباب قد تؤدي الى ظهور العنف المدرسي منها: (اضطراب العلاقة بينن الابن والام منذ الصغر لعلاقة ذلك بالنمو الاجتماعي والاستقرار النفسي) نقص مستوى الذكاء، سيطرة شخصية الأم على المنزل مما يتعارض مع نمو نزعة الذكورة لدى الأبناء خلال مرحلة المراهقة، او قبلها مما ينتج عن ذلك اضطراب الابن مما يؤدي لاتيان السلوك العنفي بغية اثبات الذكورة، الرغبة في اثبات الذات وتحقيقها عن طريق العنف على الآخرين، الشعور بالاحباط والتعاسة والتعبير عن الرفض الداخلي، تقلب المزاج والشعور بالاكتئاب، الشعور بالذنب والحاجة اللاشعورية للعقاب، تأثير جماعة الرفاق على تفسير السلوك، الفشل في تحقيق التوافق النفسي للفرد.
كما ان من مصادر تعزيز العنف (المدن الكبرى) التي امتلأت باعداد كبيرة من البشر تفوق طاقتها الاستيعابية وتتجاوز خدماتها العامة مما يسبب التزاحم وهو رد فعل تكون بناء عليه الاستجابة العدائية التي تناسب حركة المدينة وسرعة ايقاع التفاعل الاجتماعي فيها.
وزاد آل رشود ان العنف المدرسي أصبح منتشرا على كل المستويات بين الأفراد والجماعات بين الأطفال والمراهقين بين الذكور والإناث، ومع ادراكنا لخطورة هذه الظاهرة في المدارس لما تتركه من آثار سلبية على كل من المجتمع والفرد، لذلك يكون لزاما على الباحثين والاخصائيين النفسيين، والقائمين على تربية النشء الاهتمام بدراسة السلوك العنفي كما أرى أن التوصيات الآتية سوف يكون لها دور إيجابي في مجال الاسهام في الحد من العنف في المدارس:

- التركيز والاهتمام بالنواحي الانفعالية لدى الطلاب وردات الفعل قبل التركيز على النواحي المعرفية.
- ضرورة تطوير برامج التوجيه والارشاد في المدارس، والتوفير التجهيزات والامكانات لدى المرشدين في المدارس.
- وضع برامج تدريبية ونشرات توعية للمعلمين لمعرفة طرق التعامل المثالي مع المراهقين، وامكانية تخفيض الانفعالات التي تصدر في مرحلة المراهقة بدون المساس بكرامة المعلم.
- مراجعة وزارة التربية والتعليم لأنظمتها واجراءاتها لتطبيق أساليب عقابية تربوية افضل مما هي عليه.
- وضع برامج ارشادية نفسية لمعالجة بعض الظواهر والمشكلات التي تظهر في المدارس ومنها العنف المدرسي، وتكون هذه البرامج موضوعة من متخصصين في علم النفس الارشادي، وان لا يترك الأمر لاجتهادات المرشدين كل يعالجها بطريقته.
- تطوير العمل الارشادي واستخدام التقنية في أعمال المرشد، وعمل شبكة حاسب آلي يرتبط بها المرشد مع ادارة التربية والتعليم ومع الادارة العامة في الوزارة للتعرف على المشكلات لدى المرشد وكذلك لتسجيل الاحصاءات اولا باول، وتكون اسلوبا في تقييم المرشد الطلابي لاداء أعماله.
- العمل على تلبية احتياجات التوجيه والارشاد من نقص كفاءات الارشاد الطلابي حيث ان الاحتياج في الارشاد الطلابي في مدارس البنين يصل إلى أكثر من 5000مرشد طلابي، ومدارس البنات يصل الى نفس العدد تقريبا،
- نظرا لاتساع حجم ظاهرة المشكلات الطلابية في المدارس وارتباطها بمشكلات اخرى، لذا ينبغي العمل على انهاء اي مشكلة تبرز في المدرسة واتخاذ الإجراءات المناسبة وانهائها بشكل من العدالة وان تحل بشكل جذري، وعلى الإدارة المدرسية عدم ترك المشكلة معلقة او تحلها بحلول غير منطقية مما يكون سببا في اتخاذ بعض الطلاب اسلوب العنف حلا فيما بينهم.
ويضيف الدكتور صقر محمد المفيد انه لن يسلم اي مجتمع من هذه الظاهرة إذا لم يتم بحث الإجراءات التربوية والأمنية، وفي الجانب الغربي أدى تفاقم مشكلات العنف إلى تشكيل لجان حكومية لدراسة هذه المشكلات، وقامت هذه اللجان بإجراء العديد من الدراسات والابحاث العلمية، إلا أن تلك الدراسات لم تحدد بالضبط مفهوم العنف، وقد ناقشت الدراسات إحراق المدارس، والعبث بالممتلكات العامة، والاعتداء على التلاميذ والطلاب، وكذلك الإعتداء على المعلمين بالضرب والشتم وتهشيم سياراتهم، وكانت النتيجة أن مفهوم العنف يختلف عند التلاميذ عنه عند رجل الأمن أو رجل القانون.
أما فيما يتعلق بالعنف في المدارس ، فأنا أجزم أن هناك حالات فردية فقط، ولم ولن يصل لحد الظاهرة المقلقة خاصة وان المجتمع السعودي مجتمع معياري، ولكن المجتمع السعودي شأنه شأن المجتمعات الأخرى تعرض لتطورات ثقافية واجتماعية واقتصادية، وتبعاً لذلك تتبدل قيم وتتغير أخرى، وتظهر معايير جديدة، وعندها يواجه الشباب كثيراً من المتناقضات، لأن هنالك أزمة حقيقية يعيشها العالم المعاصر، وهنالك نظرة مزدوجة للقيم والعادات.
وزاد المقيد إن بعض السلوكيات المنحرفة التي تمارس في المدارس المتوسطة أو الثانوية دوافعها الحصول على الإعجاب في نظر الآخرين، أو الاخذ بالثأر لما جرى في الحي أو في الطريق للمدرسة، أو الاحتجاج على النتائج المدرسية، ولهذا تكون وسائل التعبير من خلال التخريب أو السرقة أو التهجم على الآخرين، وهنالك أيضاً الحرمان العاطفي الذي يعاني منه البعض، فالطالب المحروم عاطفياً لا يفتقد العاطفة فقط، وإنما يوضع في إطار اجتماعي يسهل له مجابهة الآخرين، وهذه أعراض مرضية لا فرق بينهما وبين الأمراض النفسية والعصبية، مشيراً إلى أنها قد تعزى مسببات العنف المدرسي الى ظروف عصبوية وفئوية وتعفن اجتماعي وذلك لغياب التوجيه السليم والنموذج والقدوة الحسنة، هذا بالإضافة إلى النزوات، وهي مجموعة الميول والرغبات والحاجات والمطامح تدفع الطالب نحو الاشباع والوصول إلى الهدف، ويمكن إشباع هذه الحاجات من خلال السلوكيات النشيطة وذلك لجلب انتباه الآخرين، ومن هنا يتضح لنا أهمية دور الأسرة حيث تبدأ منها أول التأثيرات باعتبارها أهم الجماعات الأولية ثم دور الرفقاء والأقارب من نفس الفئة العمرية وكذلك الشخص القدوة والذي ربما كان يروي قصصاً خيالية عن تعامله مع الطلبة والمدرسين، إذن للبيئة دور كبير في تكوين البناء النفسي للطالب أو التلميذ ويكفي ان ينشأ في بيئة منحرفة كي يتقمص شخصية أهله الذين أمعنوا في الخروج على المجتمع ومن ثم يتخد لنفسه شخصية مشابهة.
وبين المقيد انه يلزم على المؤسسات التربوية مضاعفة الاهتمام بالنظام القيمي والذي هو أحد الشروط الأساسية لاستقرار المجتمع، والتماسك الاجتماعي لا يمكن ان يحل ما لم يكن بناء الأفراد بناءً سليماً، ولا يمكن ان يتم بمعزل عن الأخلاق لأنها المكون الرئيس للإطار العام، وكلما كانت أخلاق الأمة قوية نقية كانت اتجاهاتها سليمة، والعلم بحد ذاته مبني على القيم الإنسانية وهو نظام للقيم، وإشباع أي حاجة من الحاجات القيمية يعتبر قيماً مثل حب الأمن، وحب الحق، وحق العدل، وحب الوطن وفيما مضى كانت الأمم تتفاضل بالقوة البدنية اما الآن فإنها تتفاضل بالعلم.
مشيراً إلى أن ترسيخ المفاهيم القيمية بات ضرورياً على القائمين على المؤسسات التربوية إيلاء المزيد من الاهتمام للمناهج وعلى الأخص في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وذلك لما لها من أهمية في تكوين النشء وإعداده لأداء دوره في المجتمع بما يرسخ حب الوطن والدين والمثل ويطور الحس الأمني ويرسخ الأمن والاستقرار، وكذلك تنمية الفكر العلمي للدارسين بما يوازي التطورات المتلاحقة التي يشهدها يومياً في هذا المجتمع الالكتروني، وانصح كذلك بزرع ثقافة التطوع في عقول الناشئة وإشعارهم دوماً بأنهم قادة المستقبل وهذا الوطن بحاجة إليهم.

واضاف ان الأمن والسلامة لابد وان يتصدر الاهتمام البالغ في المؤسسات التربوية، فلماذا لا يتدرب الطلبة على تحقيق الأمن في الفصل والأمن في المدرسة، والمدرس قدوة حسنة، والزميل أخ، وأمن الممتلكات الشخصية، وحماية البيئة المحيطة، واحترام انظمة المدرسة، ويتطور ذلك إلى أمن الحي، و أمن المدينة، و أمن الوطن، بحيث تصبح المدرسة وحدة أمنية آمنة، وتتحقق الصورة المثالية للمجتمع المدرسي وقد لا يختلف اثنان على ان المجتمع السعودي بأطيافه كافة يعتمد على استراتيجية الحوار، وعليه لابد من مراقبة سلوكيات التلاميذ والطلاب ومعالجة ظواهر الانحراف بأساليب تربوية وحضارية، واعتماد اساليب التوعية من قبل العلماء، رجال الأمن، ومن الرياضيين، ممن لهم تأثير على الناشئة، واقترح هنا ان يصار لإنشاء مجمع مدرسي نموذجي للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، لتطبيق هذه المعايير وإضافة مقررات دراسية تعالج الأمن الفكري، والامن الثقافي، والأمن النفسي، والأمن الاجتماعي، لبيان أهمية مفهوم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي، علماً بأن الأمن النفسي بالغ الأهمية، ذلك ان الإنسان إذا لم يكن صحيح النفس فإنه لن يكون قادراً على التوافق مع عناصر الوجود من حوله وستكون علاقته مع تلك العناصر يشوبها التوتر والخوف والقلق وعدم الثقة.
وقال المقيد ان بعض الأحيان يكون التدخل المباشر والتقريع من قبل الكبار بمعاييرهم وقيمهم نحو الأبناء ذا أثر عكسي، وربما ينحرف بشخصياتهم واتجاهاتهم لما هو أسوأ، وما أجمل ما قاله العالم ابن خلدون: "إن الشدة على المتعلمين مضرة بهم، ومن كان مرباه بالتعسف والقهر من المتعلمين سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها ودعا إلى الكسل" وما قاله كذلك الرشيد لمعلم ولده الأمين إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، و ثمرة قلبه، فصير يدك عليه مبسوطة، وطاعتك عليه واجبة، وكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقرئه القرآن، وعرفه الأخبار، وأرو له الأشعار، وعلمه الفن، وبصره بمواقع الكلام، وامنعه من الضحك، إلا في أوقاته، واجعله يعظم المشائخ، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة.
ويرى د. صالح محمد الخثلان أن العنف بشكل عام سواء كان لفظياً أو مادياً هو أسوأ سلوك في الحياة البشرية، ويعد انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية، فالتكريم الرباني للإنسان لا يمكن على الإطلاق التسامح بامتهانه بالتعرض بالعنف للإنسان مهما كان موقفه وموقعه وحالته. وتتجلى قيمة التكريم للإنسان وفداحة الاعتداء عليها في المدارس، حيث تنطلق عملية التأسيس للفرد ليحقق السمو والكمال المنشود الذي يمكنه من القيام بالأمانة التي كلف بها من الله سبحانه وتعالى. إن حالات العنف التي تنشر الصحف أخبارها وقصصها تعد أكبر إساءة لنظام التعليم التربوي في المملكة خاصة تلك الحالات التي يترتب عليها إصابات تترك عاهات مستديمة وهي بحاجة إلى تدخل وعلاج سريع وتمثل تناقضاً واضحاً للرسالة التربوي التي تتمثل في التنشئة والبناء. فمثل هذه الحالات سواء كانت بالتعدي باللفظ أو التعدي باليد تترك آثاراً وجرحاً على مشاعر وحياة المعتدى عليه خاصة في حال عدم التصدي لها ومعاقبة مرتكبيها والوقوف بجانب من تعرض للاعتداء.
مؤكداً أن لجوء المعلم للعنف باللفظ أو الضرب يعد مؤشراً خطيراً على عدم أهليته للقيام برسالة ومهام التربية والتعليم السامية وعلى من يقع في مثل هذا الموقف أن يبادر على الفور بالمراجعة والوقفة الصادقة مع النفس والمؤنبة لها لقبولها مثل هذا السلوك، لأن التهاون في أول حالة عنف سيجعل السلوك العنيف يفقد بشاعته ويجعل النفس تتعود عليه مما يتسبب دون وعي في تحول المعلم عن رسالته التربوية ويفقد الاحترام والتكريم الذي يستحقه لقيامه بهذه الرسالة.
وزاد الخثلان أن حوادث العنف الجديد التي بدأنا نسمع عنها مؤخراً وتتمثل في اعتداء الطلاب على الأساتذة والإداريين فهي مصيبة أخرى وإساءة كبرى للنظام التعليمي وتمثل خللاً في القيم والسلوك لا تقتصر أسبابه على المدرسة بل تعبر عن ظاهرة أكبر وأخطر يعيشها المجتمع وتتمثل في تآكل قيم ووسائل الضبط الاجتماعي، إن اعتداء الطالب على معلمه يعبر عن خلل كبير في النظام الأخلاقي في المجتمع وهو بحاجة إلى تشخيص حقيقي ومعالجة جذرية.
وعن التعامل مع حالات العنف أوضح الخثلان أنه يتم من خلال إجراءات عقابية وتربوية تقوم بها الأجهزة المختصة في وزارة التربية والتعليم وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر تدخل الأجهزة الأمنية والمحاكم الشرعية، فالاعتداء لا يمكن التساهل معه والمعتدي لا بد أن يلقى جزاءه ومن يقع ضحية اعتداء وإهانة لكرامته فمن حقه رد الاعتبار. وبالنسبة لدور الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في مواجهة قضية العنف في المدارس فهو دور مكمل للأجهزة التربوية من خلال لفت النظر إلى حالات عنف تلقت شكوى بشأنها أو قامت برصدها والمطالبة بمعالجتها والتأكيد على مبدأ التكريم الإنساني وعدم المساس به، وكذلك من خلال برامج توعوية موجهة للطلاب والمعلمين والإداريين تنطلق من مبدأ التكريم الرباني للإنسان وضرورة حمايته من الاعتداء.

قررت نقابة المعلمين المصرية مؤخرا طرد مدرس من عضويتها بعد اتهامه بأنه أجبر طلابه على خلع ملابسهم أمام زملائهم كعقوبة لهم، وقال فرع النقابة فى مدينة الفيوم إنه أسقط عضوية أسامة فتحى متولى مدرس الدراسات الإجتماعية بمدرسة تطون الإعدادية بمدينة "إطسا" بناء على ما جاء فى تحقيقات مديرية التربية والتعليم بقيامه بإجبار بعض التلاميذ على خلع سراويلهم والوقوف بظهورهم أمام زملائهم بالصف.

وقال سيد مخلوف نقيب المعلمين بالفيوم إنه "تم إخطار النقابة العامة للمعلمين بالقاهرة بهذا القرار نظرا لما أساءت إليه هذه الواقعة لصورة المعلم"، مؤكدا رفض النقابة لكافة أشكال العنف بالمدارس.

وكان متولى أجبر أربعة طلاب على خلع ملابسهم كاملة والوقوف عراة أمام زملائهم، مما دفع أولياء أمورهم للشكوى من تصرف المدرس، وأكدوا أن هذا التصرف تسبب بمشاكل نفسية لأبنائهم.

كما قرر محافظ الفيوم إيقاف متولى عن العمل ثلاثة أشهر مع صرف نصف راتبه وإحالته إلى العمل الإدارى ونقله إلى خارج الإدارة مع عدم التعامل مع الطلاب والتحقيق مع إدارة المدرسة.

وتكررت خلال الفترة الأخيرة حوادث غريبة فى عقاب المدرسين للطلبة المصريين كان آخرها بداية الشهر الجارى بوفاة طالبة مصرية خوفا من عقاب "مدرس الحساب" لأنها "لم تحل فروضها"!

وقد أثارت هذه الواقعة ردود أفعال واسعة داخل أوساط المنظمات الحقوقية المهتمة بالتعليم والعنف ضد الأطفال فى مصر، وحذرت من انتشار حالات العنف من قبل المدرسين والإدارات ضد الطلبة مما يهدد المدرسة بعدم القيام بدورها التعليمى والتربوي.

وقتل مدرس أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضى تلميذا فى مدرسة ابتدائية لعدم إتمامه الواجب المدرسي، حيث انهال عليه ضربا حتى الموت.

وقال وزير التربية والتعليم المصرى يسرى الجمل فى السادس من الشهر الجارى "إن المعلم المتعاقد الذى سيسيء إلى رسالته ودوره التربوي، ويستعمل العنف أو الضرب أو أى أساليب أخرى للضغط على الطلاب وعدم استخدام الأساليب التربوية فى توجيههم، سيتم إنهاء تعاقده، أما بالنسبة إلى المعيّن فسوف يتعرض للمساءلة القانونية مع حرمانه من مزايا \'كادر\' المعلمين".

يشار إلى أن العنف المدرسى أصبح يُقلق التربويين وأولياء الأمور فى مصر خصوصا بعد توالى هذه الحوادث، وهو ما حدا بالمجلس القومى للطفولة والأمومة فى مصر بمطالبته بتفعيل قانون التعليم الذى يمنع استخدام العنف أو العقاب بضرب التلاميذ بأى شكل من الأشكال، وبتنفيذ قرار حظر العقاب البدنى فى جميع المواقع المرتبطة بالطفل.

كما حذر مركز حقوق الطفل المصرى من خطورة تفشى ظاهرة العنف المدرسى واستخدام العقاب البدنى وسيلة للتربية التى تنتهك حقوق الطفل فى مصر، وطالب فى بيان أصدره بضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن انتشاره داخل المدارس.

وحسب ما ذكرته تقارير صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" فإن حوالى 50 بالمئة من الأطفال فى صعيد مصر و70 بالمئة من الأطفال فى المناطق الحضرية يتعرضون إلى العقاب الجسدى فى المدارس. وفى العام الماضي، أعد الدكتور أحمد زايد عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة دراسة كشفت أن 42.4 بالمئة من المدراس تلجأ الى استخدام العقاب البدنى حفاظاًعلى سير العملية التعليمية.

وبدورهم، يستخدم الطلاب العنف ضد أصدقائهم، حيث مارس 30 بالمئة من طلاب المدارس فى مصر أشد أنواع العنف، فى صوره المختلفة، منها الضرب والركل والقذف بالحجارة والشتائم والاستهزاء بالزملاء، وفقا لما ذكرته الدراسة نفسها.

لاشك أن الممارسات الخاطئة فى المدارس ـ خصوصا من قبل المعلمين ـ "مثل العقاب القاسي" تؤثر على سير العملية التربوية وعلى الطفل فى الوقت نفسه الذى ستتلاشى الصورة المشرقة للمدرسة من ذهنه لتحل محلها صورة العنف والضرب والقسوة وهو ما ينتفى قطعا مع مبادئ الرسالة التربوية للمؤسسات التعليمية، ويتلاشى المبدأ القائل "قم للمعلّم ووفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا" ليصبح المعلم "جلادا" وضحيته الطالب "المذنب"، هذا الطالب الذى سيصبح "ضحيّة" للمدرسة ودون وعى منه تنشأ لديه ثقافة العنف بهدف الدفاع عن نفسه مما يجعله مؤهلاً ليكون شخصاً عنيفاً فى المستقبل.

وحسب العديد من الدراسات فإن الأطفال الذين يعيشون العنف، يواجهون مخاطر متزايدة من تعرضهم للعنف، لما له من وقع شديد ينعكس على الطفل نفسه، فتؤثر على صحته وقدرته على التعلم، كما أنها تدمر ثقة الطفل بنفسه.

ليست هناك تعليقات: