السبت، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٠

الزواج العرفي

الحمد لله على نعمه وعلى مزيد فضله وإحسانه والصلاة والسلام على من أكرمه الله بالرسالة وبها رفع من شأنه وعلى آله وصحبه وكل من أحبه واتبع بيانه وساعد في الأرض على رفع سلطانه . ثم أما بعد,فإن المتتبع لأحداث الأمة خاصة في المائة الأخيرة , وبخاصة المتتبع لخطوات التغير العقدي والنسيج الأخلاقي الحادث فيها يقف على كثير من الإلمام بما نحن فيه وما نحن بصدده وما يراد بنا فبدءاً بدخول المدرسة العقلية وانتشار فكرها على يد جمال الدين الأفغاني وتلميذه المخلص لمعلمه محمد عبده ، ومروراً بظهور الشيوعية الإلحادية الإباحية واتخاذها ديناً واتخاذ الاشتراكية منهجاً ثم ظهور العلمانية وانتشارها ونتاجها القبيح والذي من أمثلته أن خرجت علينا ظاهرة عبدة الشيطان وأفراخها التافهين عقليا وعقديا ومما ابتليت به الأمة أخيرا ظاهرة انتشرت بين حاملي راية العلم المادي والتقدم فيها وهو ما يعرف بالزواج العرفي الذي انتشر في بعض الجامعات العربية.وقبل أن نتحدث عن هذه الظاهرة.. فبداية ما هو الزواج العرفي في الأصل؟ وهل هذه الظاهرة الجديدة التي استحدثت بعد الزواج العرفي وانتشرت هي الزواج العرفي حقيقة أم أنها شيء آخر؟ ومن أين جاء هذا الشيء ؟ الزواج العرفي أصله : هو الزواج الغير موثق المكتمل الشروط ، أي أنه زواج اكتملت فيه أركان الزواج الصحيح ولكنه لم يوثق من الحكومات القائمة قي هذا البلد الذي تم فيه العقد وهذه الصورة لا إشكالية فيها حيث أن الولي موجود وكذلك إعلان النكاح وإشهاره إلى غير ذلك فهو زواج طبيعي في بيئة حياتية غير مرتابة , والحقيقة أننا نعتبر التوثيق الآن من المصالح الهامة التي يرجى أن تتوفر مع العقد وذلك لضمان الحقوق المترتبة على العقد في حالة وفاة أو طلاق أو إثبات نسب أو غيره وخاصة مع قلة الدين وخراب الذمم ..... وهذا النوع هو الذي قد يعمى به على الناس فتجد بعض العلماء يفتون بجوازه مع أن المستفتي يقصد صورة أخرى تماماً.أما الظاهرة التي نتحدث عنها والتي تلت الزواج العرفي وأطلق عليها اسمه فهي ظاهرة حديثة ابتدعها جند الشيطان وأوليائه ليخربوا بها الأمة من قبل الشاب والفتاة المراهقين خاصة في ظل هذا الاختلاط المتفشي وهوجاء الشهوات المستعرة .يلجأ الشاب إلى حيلة للإيقاع بهذه الفريسة بدعوى الزواج ثم يعقد عليها عقدا دون ولي ولا إعلان شرعي ، وإنما زواج سر محرم في غياب الضمير الإنساني وتغلب الشهوة وعدم وجود الوازع الديني الذي يحرك العواطف البشرية ويهذبها ليرتقي بها إلى أعلى درجات ممكنة من السمو ... فالشرع لا يحارب العواطف ولا الشهوات ، ولكنه يروضها ويهذبها لتكون في خدمة الإنسانية جمعاء لتكوين البيت الهادئ المبني على أسس من الوعي الديني والهدوء العاطفي الذي يكفل إنجاح عملية بناء هذه اللبنة المباركة التي يتكون منها المجتمع وينتظر منها تكامل نجاحه وعزته .

الزواج العرفي من أين ؟
البداية بعيدة ... وهي هذا الانجراف الشديد في الخط العقائدي للأمة والذي صاحبه انحراف آخر في الخط التقدمي العلمي للأمة. هل هذا الانجراف وقع نتيجة للقعود عن الجهاد ونشر العقيدة في ربوع الأرض أم نتيجة الترف العقلي ومجابهة أصحاب الجدل بنفس الأسلوب أم أن وراء ذلك كيداً من أعداء الإسلام في محاولة تشويه صفاء هذه العقيدة وخلطها بالشوائب الغريبة عنها ؟ يقول محمد القحطاني في رسالته" الولاء والبراء في الإسلام " : ( والذي يظهر لي –والله أعلم – أن هذه الأسباب مجتمعة لها دورها كل بحسب أهميته , إلا أنه من خلال تتبع قصة الترجمة في عهدها الأول يظهر لي : أن كيد أعداء الدين وافق هوىً عند بعض المسلمين خاصة بعض الحكام في العهد العباسي – كالمأمون مثلاً – فحدث ما حدث من ترجمة لكتب المباحث السوفسطائية اليونانية وغيرها .ويصدق ذلك : أن المأمون بعث إلى حاكم صقلية المسيحي يطلب منه أن يبادر بإرسال مكتبة صقلية الشهيرة الغنية بكتب الفلسفة !! وتردد الحاكم في إرسالها وجمع رجال دولته واستشارهم حول هذا الطلب فأشار عليه المطران الأكبر بقوله (أرسلها إليه , فوالله ما دخلت هذه العلوم في أمة إلا أفسدتها ) فأذعن الحاكم لمشورته وعمل بها .أحضر المأمون حنين ابن اسحق وهو طبيب ومؤرخ ومترجم وأمره بنقل ما يقدر عليه من كتب حكماء اليونان القديمة إلى العربية وأجزل له في العطاء وصدق والله المطران الصقلي : إن هذه الكتب ما دخلت أمة إلا أفسدتها . ترى من أين جاءت محنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في مسألة خلق القرآن ومن أين جاء اضطهاد علماء السنة ومحاربتهم وظهور المبتدعة أيام المأمون وغيره ؟ ) انتهى من الولاء والبراء في الإسلام بتصرف بسيط .ومازالت الأمة تعاني من هذه التشوهات العقدية الواردة لها من أعدائها وامتداداً لنفس هذا الخط السوفسطائي الذي سبق وبدأت به المحن والبلايا على تصورات الأمة وعلمائها امتداداً لنفس هذا الخط ظهرت نظريات حديثة مثل الشيوعية والعلمانية التي انبثقت من النظرية البرجماتية القائم عليها الفكر الأمريكي اليوم ونحن جميعا صلينا بنار الشيوعية وفتنة العلماء المخلصين والشهداء الصادقين الذين نحتسبهم عند الله والذين ضحوا بأعمارهم في سبيل إظهار فساد الشيوعية والاشتراكية كنظام حياة والرضا بالإسلام واتخاذه وحده ديناً .فالمتأمل لما سبق يعرف أن هذه الظاهرة التي تفشت بين شباب المسلمين وبناتهم والتي زينت لهم الإباحية والمنكر على أنه حق باسم الزواج العرفي إنما هي مكيدة من مكائد أفراخ الشيوعية والعلمانية الحديثة ومن لم يصدق فليراجع أحداث جماعات عبدة الشيطان التي ظهرت ببعض الدول العربية وما هوفكرها والمراد منها.
بيان الفساد الشرعي لهذه الظاهرة
فالزواج العرفي إذا استكمل أركانه وشروطه من الولي والإيجاب والقبول والإشهاد على العقد والمهر فهو زواج صحيح حتى ولو لم يوثق لدى جهات التوثيق الرسمية، ولكن يجب شرعاً تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ومن لم يفعل ذلك فهو آثم وإن كان العقد صحيحاً تترتب عليه آثاره الشرعية..
أما الزواج العرفي الذي يكتفي فيه الطرفان بكتابة ورقة يعترفان فيها بالزوجية فلا خلاف في حرمته، وهو زناً، ولا يسمى زواجا، ولا تترتب عليه آثار الزواج الشرعية.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
المشهور أن الزواج العرفي يطلق على الزواج المستكمل للأركان والشروط ولكنه غير مسجل بوثيقة رسمية كتسجيله في المحكمة الشرعية وقد تكتب ورقة بحضور الولي والشهود. وهذا ما درج عليه الكاتبون في قضايا الزواج والأحوال الشخصية.
ولكن بعض الناس يستعملون اصطلاح الزواج العرفي فيما يتم بين شاب وفتاة كأن يقول لها زوجيني نفسك فتقول له زوجتك نفسي ثم يكتبان ورقة بينهما أو عند محامٍ وهذا النوع أصبح منتشراً في بلاد كثيرة وبدأ يمارس في بلادنا.
ولا شك في بطلان هذا النوع الثاني، ولا يعتبر هذا زواجاً في الشرع بل هو زناً والعياذ بالله تعالى. وأما الأول فهو زواج معتبر شرعاً وهو ما كان سائداً بين المسلمين قديماً إلى أن صار توثيق الزواج بوثائق رسمية متعارفاً عليه بين المسلمين وصارت بعض قوانين الأحوال الشخصية تلزم تسجيل الزواج رسمياً.
ولا شك أن عقد الزواج كان يتم قديماً بدون وثيقة وبدون تسجيل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [ لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون صداقات لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر، بل يعجلون المهر، وإن أخّروه فهو معروف، فلما صار الناس يزوجون على المؤخر، والمدة تطول وينسى صاروا يكتبون المؤخر، وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له ]. مجموع فتاوى شيخ الإسلام 32/131.
ولكن صار تسجيل عقد الزواج أمراً لا بد منه، ولا يقال لماذا لا نمشي على ما مشى عليه السابقون من عدم التسجيل؟
فأقول: شتان ما بيننا وبينهم فلقد خربت ذمم كثير من الناس وقلت التقوى وكاد الورع أن يغيب في عصرنا لذا أؤكد على وجوب تسجيل الزواج في وثيقة رسمية وأعتقد أن من تزوج عرفياً أو زوج ابنته في زواج عرفي فهو آثم شرعاً وإن كان الزواج العرفي إن تم مستكملاً لأركان الزواج وشروطه صحيحاً شرعاً وكونه صحيحاً لا يمنع من تحريمه كمن حج بمال حرام فحجه صحيح ولكنه آثم شرعاً.
ومن المعلوم أن كتابة العقود وتوثيقها بمختلف أنواعها أمر مطلوب شرعاً وخاصة في هذا الزمان حيث خربت ذمم كثير من الناس وقل دينهم وورعهم وزاد طمعهم وجشعهم، وإن الاعتماد على عامل الثقة بين الناس ليس مضموناً لأن قلوب الناس متقلبة وأحوالهم متغيرة.
وقد أمر الله جل جلاله بتوثيق الدين حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ .... وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ) سورة البقرة الآيتان 282-283 .
فهذا الأمر الرباني في كتابة الدنانير والدراهم لما في الكتابة من حفظ للحقوق فمن باب أولى كتابة ما يتعلق بالعرض والنسب.
ويضاف إلى ما سبق أنه يجب على الناس الالتزام بما نص عليه قانون الأحوال الشخصية فطاعة هذا القانون من باب الطاعة في المعروف وخاصة أنه يحقق مصالح الناس ويحفظ حقوقهم وبالذات حقوق المرأة والأطفال.
فمن المعلوم أن جميع المسلمين في هذه البلاد يرجعون إلى القضاء الشرعي في قضاياهم المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث وغيرها ويتحاكمون إلى قانون الأحوال الشخصية وهو مستمد من الشريعة الإسلامية فيجب الالتزام به شرعاً وقد ورد في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري ومسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه البخاري ومسلم.
وأسوق للذين يفتون بعدم تسجيل الزواج في وثيقة رسمية ويشجعون الناس عليه بعض ما يحدث من أمور في الزواج العرفي:
قد ينكر الزوج أنه تزوج في الزواج غير المسجل فماذا يحدث للزوجة والأولاد.
ومن المعلوم أن بعض قوانين الأحوال الشخصية قد [ ألزمت المحاكم القضائية بعدم سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا عند تقديم وثيقة رسمية ، وهذا ما استقر عليه القضاء المصري منذ عام 1931، ونصت عليه المادة (99) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعدلة بالقانون رقم (78) لعام 1951.
وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بتاريخ 1/2/1957 أن الفقرة الناصة على عدم سماع الدعوى عند إنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت بوثيقة رسمية، فإن هذه الفقرة لا تَشترط الوثيقة الرسمية لصحة عقد الزواج، وإنما هي شرط لسماع الدعوى.
ومن هذه القوانين قانون الأحوال الشخصية الكويتي، فقد جاء في المادة (92) منه الفقرة:
(أ) "لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية، إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية، أو سبق الإنكار الإقرار بالزوجية في أوراق رسمية". مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق ص 145 – 146.

وكذلك فإن الزواج غير المسجل بوثيقة رسمية من السهولة بمكان إنكاره وبالتالي التحلل من جميع التزاماته المادية والمعنوية بخلاف الزواج الموثق بوثيقة رسمية [إن الزواج الرسمي تصدر به وثيقة رسمية من الدولة، بخلاف الزواج العرفي الذي يعقد مشافهة أو تكتب فيه ورقة عرفية، وقد عرف رجال القضاء المعاصرون الوثيقة الرسمية بأنها "التي تصدر من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها". والوثيقة الرسمية لا تقبل الإنكار، ولا يجوز الطعن فيها بحال، وبناءً على ذلك يثبت بها عقد النكاح قطعاً.
أما عقد الزواج العرفي ولو أثبت بالشهود، أو وثيقة عرفية فإنه يقبل الطعن فيه، ويقبل الإنكار.
وإذا ضاعت الورقة التي كتبت بينهما أو أتلفت عمداً فماذا بالنسبة لحقوق الزوجة والأولاد؟ وماذا عن حق الزوجة في الميراث حال وفاة الزوج في الزواج العرفي؟وكم من المآسي قد حدثت للزوجة والأولاد بسبب عدم تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ؟


الخلاصة:
يجب شرعاً تسجيل الزواج بوثيقة رسمية ومن لم يفعل ذلك فهو آثم وإن كان العقد صحيحاً تترتب عليه آثاره الشرعية ولا ينبغي لأحد أن يشجع على الزواج العرفي لما يترتب عليه من مفاسد وضياع لحقوق الزوجة والأولاد. وأنصح الآباء أن لا يزوجوا بناتهم زواجاً عرفياً وأن يحرصوا أشد الحرص على الزواج الصحيح الموثق بوثيقة رسمية ومسجل في المحاكم الشرعية.
انتهى باختصار من موقع فضيلة الشيخ حسام عفانة
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ:يُطْلَقُ الزواج العُرْفي على عقد الزواج الذي لم يُوثَّق بوثيقة رسمية، وهو نوعان: نوع يكون مستوفيًا للأركان والشروط، ونوعٌ لا يكون مُسْتوفيًا لذلك .
والأول عقدٌ صحيح شرعًا يَحلُّ به التمتُّع وتَتَقَرَّر الحقوق للطرفين وللذُّرية الناتجة منهما، وكذلك التوارث، وكان هذا النظام هو السائد قبل أن تُوجد الأنظمة الحديثة التي توجِب توثيق هذه العقود.
أما النوع الثاني من الزواج العُرْفي فله صورتان: صورة يُكْتَفَى فيها بتراضي الطرفين على الزواج دون أن يَعْلَمَ بذلك أحدٌ من شهود أو غيرهم، وصورة يكون العقد فيها لمدة معيَّنة كشهر أو سنة، وهما باطلان باتفاق مذاهب أهل السنة.

وإذا قلنا إن النوع الأول صحيح شرعًا تحلُّ به المعاشرة الجنسية، لكنْ له أضرار، وتترتب عليه أمور مُحَرَّمة منها :1ـ أن فيه مخالفة لأمر ولي الأمر، وطاعته واجبة فيما ليس بمعصية ويُحَقِّق مصلحة، والله يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيُعوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ ) ( النساء: 59 ).
2ـ أن المرأة التي لها معاش ستحتفظ بمعاشها؛ لأنها في الرسميات غير متزوجة، لكنها بالفعل متزوجة، وهنا تكون قد استولت على ما ليس بحقها عند الله؛ لأن نفقتها أصبحت واجبة على زوجها، فلا يصح الجمع بين المعاش الذي هو نفقة حكومية وبين المعاش المفروض على زوجها، وهذا أكل للأموال بالباطل وهو مَنْهِيٌّ عنه .
3ـ كما أن عدم توثيقه يُعَرِّض حقها للضياع كالميراث الذي لا تُسمع الدعوى به بدون وثيقة، وكذلك يَضِيعُ حَقُّها في الطلاق إذا أُضيرَت، ولا يصح أن تتزوج بغيره ما لم يُطَلِّقْهِا، وربما يتمسَّك بها ولا يُطَلقها .

ومن أجل هذا وغيره كان الزواج العُرْفي الذي لم يُوَثَّق ممنوعًا شرعًا مع صحة التعاقد وحِل التمتُّع به، فقد يكون الشيء صحيحًا ومع ذلك يكون حرامًا، كالذي يُصلِّي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة، ولكنها حرام من أجل سرقة ما يَسْتُرُ الْعَوْرَة لتصح الصلاة .
وكذلك لو حَجَّ من مال مسروق، فإن الفريضة تسْقُط عنه، ومع ذلك فقد ارتكب إثمًا كبيرًًا من أجل السرقة .
انتهى نقلا عن فتاوى الشيخ أحسن الكلام في الفتوى والأحكام

الحكم من الناحية الشرعية :-
أولاً: أورد الإمام الشوكاني في كتاب النكاح باب (لا نكاح إلا بولي ) ما يلي:
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
لا نكاح إلا بولى » . [أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححاه ].عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ». [رواه الخمسة إلا النسائي وأخرجه الحاكم وأبو عوانة وابن حبان وحسنه الترمذي].
3- وعن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها » . [رواه ابن ماجه والدار قطني وأخرجه أيضا البيهقي وقال الحافظ رجاله ثقات] . قال الشوكاني في شرح هذه الأحاديث : فيكون النكاح بغير ولي باطلا كما هو مصرح بذلك في حديث عائشة المذكور وكما يدل عليه حديث أبي هريرة المذكور لأن النهي يدل على الفساد المرادف للبطلان . وقد ذهب إلى هذا علي وعمر وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبو هريرة وعائشة والحسن البصري وابن المسيب وابن شبرمة وابن أبي ليلى والعترة وأحمد وإسحق والشافعي وجمهور أهل العلم فقالوا لا يصح العقد بدون ولي قال ابن المنذر إنه لا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك .

ثانياً: في باب الدف واللهو في النكاح :عن محمد بن حاطب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح » . [رواه الخمسة إلا أبا داود وحسنه الترمذي وأخرجه الحاكم . من كتاب نيل الأوطار باختصار].
ومما سبق يتضح لنا فساد هذه الظاهرة وبطلان هذا العقد بطلانا بينا لا يخالجه شك .من المسئول ؟
إذا تساءلنا من المسئول عن هذه الظاهرة الخبيثة أهي أختنا المسلمة التي أغواها الشيطان وأغوى بها أم أنه أخانا المسلم الذي وقع فريسة هواه وحبائل الشيطان فنغص على روحه صفائها وعلى دينه طهارته وعلى دنياه نقاءها وبهجتها الحقيقية من أجل متعة لحظية يتحمل بعدها مسئولية شخص آخر وقع معه في نفس البئر العميق أو ربما يتطور الأمر فيتحمل مع النفسين نفساً ثالثة بريئة ليس لها ذنب أن تنشأ في ظل عار يفقد معه أبويه بهجة اللقاء به وتربيته بل يتحمل ذلا ليس له فيه أي ذنب ؟
الحقيقة ... سألخص الأمر في بعض رسائل ونصائح أبعثها لمن أعتقد أنه مسئول عن هذه الظاهرة والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل :

إلى أخي الشاب المسلم :
والله يا أخي إني أحبك في الله ولا يكتمل لي دين إلا بمحبتك هذه , لذا فهذه نصيحة لك من أخيك أرجو أن تلقى من نفسك موضعاً ...
يا أخي الفاضل بالله عليك مع كل ما يحدث الآن لأمتنا الغالية من هوان وذل لم تعهده من قبل و من محاولات مستميتة لاستئصال شأفة الأمة وأنت على هذا الحال ؟ أفق يا أخي وارجع إلى ربك فهو أفرح بعودتك إليه مما تتخيل ويكفيك هذا الحديث العظيم الذي يدل على عظمة الخالق سبحانه فقد أورد البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« يقول الله تعالى :من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن , يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه » . تقرب إلى الله وعد إليه فإنه يحب توبتك أتعلم أن الله الكبير المتعال الملك الجبار يفرح بتوبتك ، نعم يفرح فهو يفرح بتوبة عبده وعودته إليه أكثر من رجل شردت دابته وعليها زاده وهو في مفازة (صحراء) قاتلة حتى أيقن الرجل الموت فوجد شجرة فنام تحتها ينتظر الموت وبينما هو كذلك إذا براحلته فوق رأسه .... تخيل مدى فرحه بعودة الحياة إليه واعلم أن الله أشد منه فرحاً بعودة عبده العاصي إليه .
يا أخي ... الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة في انتظار من أطاع الله فهلا كنت من الطائعين ؟؟
يا أخي أمتك بانتظارك فساعدك في سواعد إخوانك في كل مكان لرفع راية الإسلام تصنع المعجزات بإذن الله ولا تحقر نفسك أو جهدك ولا تستصغرها وإنما عد إلى ربك وستجد طريق الحق واضحاً ودورك في الطريق مرسوم وما عليك إلا أن تصدق النية مع الله فهو الذي وعد بذلك فقال { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } .ألا تستصغر نفسك عندما تتذكر مصعب ابن عمير أول سفير للإسلام .... هذا الذي كان في الجاهلية أكثر شباب مكة ترفا وأجملهم هيئة فلما ظهرت رسالة الحق أجاب النداء ولبى داعي الله وصدق في الإجابة حتى أسلمت المدينة على يديه ومهدها لمقدم الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم , ثم ختم الله له بالشهادة , هذا هو الشرف والاصطفاء الرباني والتكريم الحقيقي . أما عما وقع منك في حق أختك المسلمة فبالله عليك هل ترضاه على أمك أو هل ترضاه على أختك أو هل ترضاه على خالتك وعمتك؟؟ يا أخي ما لاترضاه على أهلك فلا ترضه على المسلمين « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » حديث شريف
إلى أختي الفتاة المسلمة :
والله يا أختاه أنت عندي أغلى من الدر المكنون واللؤلؤ المنظوم فالفتاة المسلمة كانت من قبل مريم البتول الطاهرة وكانت من قبل فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء العالمين وكذلك أمها خديجة أم المؤمنين وكذا عائشة الصديقة بنت الصديق ...اعلمي يا أختاه أنك منهن وهن منك فلماذا ابتعدت ؟ لماذا أراك قد أعطيت لهن ظهرك وارتعدت ؟ أتعطين وجهك لأرباب العفن من الفنانات العربيات منهن والغربيات الكافرات وتصرفي وجهك عن أصلك ، عن جذورك وشرفك ؟؟ فهل تستوي من كانت الزهراء أسوتها ومن تقفت خطى حمالة الحطب .بالله عليك كيف بوالدك ووالدتك وقد حنوا جباههم وانكسروا لفعلتك بل كيف بإخوانك وأخواتك وقد تلوثوا بها بل كيف بك أنت يا غالية يا من وصى بك الرسول صلى الله عليه وسلم وشدد في الوصية بل كيف بولد يخرج إلى الحياة منكس الجبين .والله يا أختاه الأمة وهي في كبوتها هذه تنتظر منك أن تلدي لها خالد بن الوليد وأن تلدي لها صلاح الدين وأن تلدي لها قطز ... تنتظر منك أن يكون بيتك قبلة وأن تكون نفسك قدوة وأن يكون ولدك أسوة ، فبالله عليك كوني من عوامل الإنقاذ ولا تكوني من عوامل هدم الأمة ، ولتعلمي صانك الله وحفظك أنك في قلب كل مسلم غالية حتى ولو تعثر بك الطريق ... فمن منا لا يخطئ ؟ ولكن العيب كل العيب هو الإصرار على الخطأ والمداومة عليه , عودي إلى الله عوداً صادقاً وتوبي إليه توبة نصوحاً فنحن ننتظر منك الخير كل الخير إن شاء الله .

إلى الآباء والأمهات :
إلى أخي الفاضل الأب المناضل والله أنا أقدر تعبك وكدك وعرقك ولكنها أمانة حملنا الله إياها إما أن نحملها بحقها وإما جهنم والعياذ بالله , ليس المطلوب منا المال لتمتلئ البطون فحسب فنحن لسنا بصدد مشروع تسمين وإنما نحن بصدد إعمار أمة بشباب صالحين .ليست البيوت تقوم على الدشوش والأغاني ورقى الشيطان وإنما تضاء وتزهر وتعمر بالقرآن فتربية الأبناء في أحضان الدشوش والأفلام والمسلسلات خطأ كبير في حقك وحقهم وهو غش للرعية التي استرعاك الله عليها فتستحق معها ما وعد الله به من غش رعيته بأنك لن ترح رائحة الجنة فبالله عليك اتق الله ، اتق الله ، اتق الله فيما استرعاك عليه من رعية فالنبي صلى الله عليه وسلم قال « كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته » وأنت أيتها الأم الفاضلة اقتربي من بنياتك ، كوني لهن صديقة بدلا من أن يتخذن صديقات السوء لهن خليلات ، كوني لهن مرشدة ودليلاً إلى الخيرات ، كوني لبناتك أختا وقت الحاجة وأما وقائدة عند الحزم فلا تدعي يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطيها كل البسط .

إلى الأمــــــــــــــــــــــــــــة: يقول الحق تبارك وتعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }

التعريف بزواج الميسار والمتعة :

1-زواج المسيار : هو: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيًا مستوفي الأركان . لكن المرأة تتنازل عن السكن والنفقة .

زواج المتعة : هو: أن يتزوج الرجل المرأة بشيئ من المال مدة معينة ، ينتهي النكاح بانتهائها من غير طلاق . وليس فيه وجوب نفقة ولا سُكنى . ولاتوارث يجري بينهما إن مات أحدهما قبل انتهاء مدة النكاح .

ليست هناك تعليقات: